فصل: الجزء الثالث:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{وإذ أخذ الله ميثاق}. والذين أحذ منهم الميثاق النبيون وأتباعهم وإنما ذكر النبيين فقط وأن من درج فيهم الأتباع لأن الأنبياء رؤوس الناس. مالذي أخذه الله منهم؟ أخذه الله منهم أنه متى ظهر نبينا صلى الله عليه وسلم في زمانهم يجب عليهم أن يتبعوه {ثم جاءكم رسول} المقصود به نبينا صلى الله عليه وسلم {مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري} والإصر بمعنى العهد {قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين}.
ينجم عن هذا أمور فهو المقصود من درس التفسير اليوم:
النبي صلى الله عليه وسلم حضنا من النبيين ونحن حظه من الأمم ولا نبي بعده ولا أمة بعدنا، وهذا النبي خصه الله جل وعلا بأمور منها ما يشترك مع إخوانه من النبيين ومنها ما هو خصيصة له صلوات الله وسلامه عليه.
فمما يشترك فيه مع النبيين مر معنا أن النبي تنام عينه ولا ينام قلبه وأنه يخير عند الموت وأنهم يدفنون حيث يقبضون وأنهم مؤيدون بالوحي هذا كله يشترك فيه النبي صلى الله عليه وسلم مع غيره من الأنبياء.
ثم خصه الله جل وعلا بخصائص عده صلوات الله وسلامه عليه، منها هذه الخصيصة وهي أن الله أخذ العهد والميثاق من النبيين من قبل أنه متى ظهر صلوات الله وسلامه عليه في زمانه أن يتبعوه. وهو صلى الله عليه وسلم ظهر وليس هناك نبي وآخر الأنبياء قبله عليه الصلاة والسلام عيسى ابن مريم عليه السلام وبين عيسى عليه السلام ونبينا عليه الصلاة والسلام قرابة ستة قرون وهو آخر الأنبياء أي عيسى عليه السلام قبل نبينا عليه الصلاة والسلام، يقول عليه الصلاة والسلام: «لو أن موسى ابن عمران كان حيا لما وسعه إلا أن يتبعني».
ولذلك الذين قالوا إن الخضر حي- الخضر صاحب موسى المعروف- في قول للعلماء أنه حي هذا وإن كان مرجوحا نقول من أعظم الأدلة على أن الخضر غير حي أن النبي عليه الصلاة والسلام وقف في لواء يوم بدر ويوم بدر جمع الله جل وعلا فيه على تلك الأرض على أرض بدر خيرة الله جل وعلا من خلقه تحت اللواء في يوم بدر، وذلك اللواء كان تحته النبي عليه الصلاة والسلام وجبرائيل. فلو أن الإنسان صنع ما صنع من الدين والمناقب والعطايا والإمامة وغير ذلك لا يمكن أن يصل إلى الدرجة التي أعطاها الله جل وعلا أهل بدر يوم بدر، فإن الله جل وعلا أخرجهم من بيوتهم ليكونوا مع نبيه عليه الصلاة والسلام. وحسان بن ثابت قال مفتخرا في شطر بيت لم تعرف العرب فخرا أعظم منه أنه قال:
وجبريل تحت لوائنا ومحمد

موضع الشاهد لو كان الخضر حيا لوجب عليه شرعا أن يكون مع نبينا صلى الله عليه وسلم يوم بدر لأن النبي عليه الصلاة والسلام كان يومها في أعظم الحاجة إلى النصرة. ولذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام وهو ينظر إلى أهل بدر من أصحابه: «اللهم إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض أبدا». وقال عليه الصلاة والسلام لعمر في قصة حاطب: «أما علمت أن الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فإني قد غفرت لكم». فلا يعدل مقام النبي صلى الله عليه وسلم في يوم بدر وأصحابه أي مقام لأي أحد بعدهم من أهل الدنيا لا من الصحابة ولا من غير الصحابة فإن لم يكن من الصحابة فمن باب أولى كل ما يصنعه الناس بعد الجيل الأول للصحابة لا يمكن أن يرقى لصنيع المسلمين الثلاث مائة والأربعة عشر الذين كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر. موضع الشاهد كنا نتكلم على أن الخضر يجب أن ينصر النبي صلى الله عليه وسلم. هذا العهد أول خصائص أو واحد من خصائص نبينا صلى الله عليه وسلم.
من خصائصه عليه الصلاة والسلام أن الرسول يبعث إلى قومه خاصة وهو عليه الصلاة والسلام بعث إلى الناس عامة. من خصائصه عليه الصلاة والسلام أن الجن كذلك بعثه الله جل وعلا إليهم، ولما عاد عليه الصلاة والسلام في وادي نخله بعد خروجه من الطائف وأخذ يقرأ القرآن ويقوم الليل يتلوا آيات ربه جاء الجن فاجتمعوا عليه قال الله جل وعلا: {وأنه لما قام عبد الله يدعوه}عبدالله يعني من؟ نبينا صلى الله عليه وسلم يدعوا من؟ يدعوا ربه {كادوا يكونون عليه لبدا} الجن (19). اللبد الشيء إذا تجمع. فالجن لما سمعت قراءته صلى الله عليه وسلم وتوسله إلى ربه في ظلمة الليل في وادي نخله أقبلت رغم شدة جبروتها وأنها مخلوقه من نار أحاطت به صلى الله عليه وسلم وأخذت تسمع ما يقوله وأخذت تسمع ما يتلوه ويقرؤه صلى الله عليه وسلم في ظلمة الليل رغم أنه عليه الصلاة والسلام لم يكن يعلم ولم يرى الجن وهم يستمعون إليه ولذلك قال الله له: {قل أوحي إلي} أي أنا لا أدري {قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا} الجن (1). وإلا فهو صلوات الله وسلامه عليه اجتمعوا حوله وسمعوا قراءته وتلاوته وتهجده وتعبده لربه ودعائه لله وهو لا يعلم عنهم شيئا، فلما مضى صلوات الله وسلامه عليه أخبره ربه بان الجن كانت تستمع إليه. من خصائصه صلى الله عليه وسلم رحلة الإسراء والمعراج وهذه أشهر من أن تعرف.
ومن خصائصه صلوات الله وسلامه عليه أن الله يعطيه يوم القيامة مقام الوسيلة وهو المقام المحمود قال عليه الصلاة والسلام: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزله في الجنة لا ينبغي أن تكون إلا لعبد صالح وأرجوا أن أكون أنا هو» صلوات الله وسلامه عليه، فالوسيلة حق له صلوات الله وسلامه عليه من ربه وهذا من خصائصه عليه الصلاة والسلام. والمقام يطول لكن الذي يعنينا أن يكون الفرد محبا متبعا لنبيه صلى الله عليه وسلم. وفي عصرنا هذا كثر المشاهير من أهل الحق ومن أهل الباطل وبالغ الناس فيهم بالذات مبالغات الناس في أهل الباطل، والمؤمن التقي العاقل الذي يعلم ويتلو كتاب الله حقا لا يقبل أن يعظم في قلبه إلا من؟ إلا الله.
القلب يا أخي مثل الكعبة فالكعبة لا يليق أن يكون عليها صور لأنها بيت الله وقلب المؤمن لا ينبغي أن يعلق بأحد إلا بمن؟ إلا بربه جل وعلا أو من أمرنا الله جل وعلا أن نحبه كنبينا صلى الله عليه وسلم فنحن نحبه صلوات الله وسلامه عليه لأن الله جل وعلا أمرنا بحبه، ولا يمكن أن يرقى حبنا له كحبنا لربنا تبارك وتعالى.
كما أن المبالغة في مدح أهل الحق يخرج بهم كذلك، قد يدخلهم في الفتن وهذا حاصل في عصرنا فإن الإنسان من طلبة العلم يحمد له حبه للعلماء وحبه للدعاة وهذا شيء من فضائل الأمور ولكن لا يحصل المبالغة في تعظيم الدعاة ولا العلماء ولا المدرسين ولا غيرهم مبالغة يتجاوزون بها عن الحد لأن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن، وربما أعجبت الإنسان نفسه من كثره مبالغة الناس في تعظيمهم له وثنائهم عليه وتقبيلهم لرأسه يوم بعد يوم مرحله بعد مرحله فيدخله والعياذ بالله ما يدخله ما يكون سبب في هدم دينه وهدم دين أتباعه، وقد ذكر بعض العلماء الثقات رحمه الله في حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تعلم كيف يبلغ الناس أحيانا بهم الضلال إلا ما لا نهاية.
أن رجلا دخل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يضن نفسه أنه من أولياء الله من أصحاب الطرائق المذمومة فرءاه رجل من العامة كان يجلس بجانب هذا العالم المتوفى الذي كتب هذا بيده وأنا قرأته كان يجلس بجواره فلما جاء هذا الرجل قام هذا العامي وأجلس هذا الرجل مكانه، فلما فرغت الصلاة وهذا في الحرم النبوي قال هذا العالم وهو من أساطير العلماء قال له: يا هذا مرة أخرى لا تقم من مقامك في الحرم لأحد ولو كان القادم أبو بكر وعمر قالها للعامي والرجل يسمع فما ذا أجاب العامي وانظر إقرار الرجل قال العامي هذا أفضل ممن ذكرت أفضل من أبي بكر وعمر، قال الشيخ رحمه الله يقول وهذا يسمع ولا ينكر شيئا عياذا بالله، هذا الذي قال هذا عامي جاهل وهذا الذي قبل هذا ربي يوميا عياذا بالله تدريجيا من مبالغات الناس وثنائهم حتى وصل إلى هذه المرحلة فصدق كذب الناس. من هذا يفهم أن أحيانا بعد الدرس بعض الطلاب جزاهم الله خيرا يسلمون ويقبلون الرأس لا داعي لهذا إذا كانت ولابد أن تسلم على الشيخ صافحه. إذا قدم الإنسان من سفر لا بأس، لكن أن يقبل كل شيخ بعد كل درس على رأسه أو على غير ذلك هذا لا يحسن، فتنة للمحاضر وذلة للمتبوع والعاقل من حرر نفسه وحرر الناس من رقة أحد إلا لمن؟ إلا الله جل وعلا.
انتهينا من خصائصه صلى الله عليه وسلم كما بينا وقلنا إن محبته عليه الصلاة والسلام مندرجة في حبنا لربنا تبارك وتعالى. ثم إن هذه المحبة ينبغي أن تنقلب إلى سلوك فكما ينبغي أن تستقر في القلب ينبغي أن تنقلب إلى سلوك كيف تنقلب إلى سلوك؟ إن الإنسان ينظر أين هديه من هدى الرسول صلى الله عليه وسلم وليس الدين أن تأخذ من الدين ما يناسبك وتترك ما لا يناسبك ولكن الدين أن تعلم أنه مبنيا على قاعدة واحده، القاعدة هذه قالها صلى الله عليه وسلم: «إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وإن أمرتكم بشيء فاتوا منه ما استطعتم». القدرات تختلف أما النهي الذي نهى عنه صلى الله عليه وسلم يجب أن تنتهي عنه نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن الزنا عن شرب الخمر عن إيذاء المؤمنات عن أمور عده من المحرمات هذه لا مجال للأخذ والعطاء فيها ينتهي المؤمن. أما ما أمرنا الله به فالناس يختلفون لا يمكن أن نطالب الناس بالأمر الكلي ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: «فأتوا منه ما استطعتم». فمثلا صيام ثلاثة أيام من كل شهر. صيام يوم وإفطار يوم هذا أمر محمود لكن ليس كل الناس يطيق الصيام، الأمر بالإنفاق أمر محمود لكن ليس كل الناس يملك المال وعلى هذا قس أمورك أن ما أمرك النبي صلى الله عليه وسلم افعل منه ما تستطيع أن تفعله، أما ما نهاك النبي صلى الله عليه وسلم عنه فانتهي عنه بالكلية حتى يكون اتباعك لنبينا صلى الله عليه وسلم طريقا لك إلى رحمه الله جل وعلا ومغفرته ثم في جناته جنات النعيم.
ثم قال الله تبارك وتعالى: {ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون (80) وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين (81) فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون} أي بعد أن بين الله هذه الحجج وأوضح الله تلك الطرائق وأقام الله جل وعلا تلك البراهين فجاء من الناس من أعرض وتولى ولم يقبل نداء الله تبارك وتعالى له، فلا ريب أنه من الفاسقين.
وقد قلنا في الدرس السابق أن الفسق ينقسم إلى كم قسم؟ إلى قسمين:
قلنا فسق يخرج من الملة كقول الله: {أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون} وفسق غير مخرج من الملة قال الله جل وعلا: {وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان} الحجرات (7). ومن القواعد العلمية أن العطف يقتضى المغايرة. والله عطف الكفر والفسوق والعصيان بعضها على بعض فدل على أن الكفر غير الفسوق والفسوق غير العصيان {فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون}.
ثم قال سبحانه: {أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون}.
{أفغير دين الله يبغون} الهمزة للاستفهام ونوع الاستفهام هنا استفهام إنكاري أي المعنى: كيف يبغون دينا غير دين الله. من عرف هذه الحجج وعرف هذه البراهين واستبانت له لا يمكن أن يقبل دينا غير دين الله تبارك وتعالى. ثم ذكر الله جل وعلا أن مما يدلهم على أنه ينبغي أن يتبعوا الله أن الله جل وعلا قال: {وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون} اللام هنا للملكية وقد جاءت معنا في آية الكرسي لما قلنا إن الله يقول: {له ما في السماوات والأرض}.
وقلنا أن الملك كم قسم؟ قسمان: ملك حقيقي وملك صوري.
وقلنا إن ما يجري في الدنيا اليوم هو ملك صوري وأن الملك الحقيقي أصلا لله وقلنا أن ما تملكه اليوم إما أن تذهب عنه وإما أن يذهب عنك، ولذلك قال الله جل وعلا: {الملك يومئذ الحق للرحمن} الفرقان (26). مع أن الملك يومئذ واليوم لله وقال الله جل وعلا في آخر الانفطار: {والأمر يومئذ لله} ولاشك أن الأمر كل يوم لله لكن المقصود حتى الحالة الصورية تغيب وتذهب {أفغير دين الله يبغون وله أسلم} أي انقاد وخضع واستسلم لله تبارك وتعالى: {طوعا وكرها} هذا من الأضداد ويسميه البلاغيون طباق إذا جاءت الكلمتان متضادتان يسميه البلاغيون طباق مثلا الليل والنهار، طوعا وكرها.
طوعا معروفه وكذلك كرها.
ولكننا نفرق ما بين كرها بفتح الكاف وكرها بضم الكاف وهذه من اللغويات وهذه شرحناها في دروس متفرقة:
نقول أن الكره هي المشقة الخارجة عنك التي لا تريدها الأمر الذي تجبر عليه وأنت لا تريده هذا يعبر عنه بماذا؟ بالكره.
وأما الكره بضم الكاف فهي المشقة التي تريدها رغم أن فيها مشقه، المشقة التي تطلبها أنت لأن فيها منفعة رغم مشقتها.
وبالأمثال يتضح الحال: الحال الكره مثل قول الله تبارك وتعالى في هذه الآية: {وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها} وقول الله تبارك وتعالى: {لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها} أي وهن غير راضيات. أما الكره بضم الكاف فإن الله كتب الحمل على بنات حواء وقال سبحانه وتعالى: {حملته أمه كرها ووضعته كرها} الأحقاف (15). فالمشقة التي تأتي للمرأة مشقة الحمل مشقة مرغوبة أو غير مرغوبة؟ مرغوبة طبعا ما من امرأة إلا وهي تريد أن تلد وتحمل فهذه مشقة مرغوبة لذلك عبر الله عنها بالكره. أما عند ما تكون غير مرغوبة تسمى كره بفتح الكاف. قال الله جل وعلا عن الجهاد في سبيله: {كتب عليكم القتال وهو كره لكم} البقرة (216). بضم الكاف والجهاد فيه مشقة لأنه فيه ذهاب أرواح وذهاب أبدان وذهاب أموال ويرى الناس فيه من العناء والمشقة الشيء العظيم لكن ما فيه من أجر ما يتعلق به من ثواب ما ينال المسلم فيه من قربات عند الله هذا يجعله محبوبا إلى النفوس، لذلك عبر الله جل وعلا بضم الكاف.
ثم بين سبحانه وتعالى دلالة ملكه وعظيم عطائه فقال جل ذكره: {وإليه يرجعون} أي أن مآبهم ومردهم إلى الله تبارك وتعالى وهذه آية من مثاني القرآن سيأتي عنها الحديث تفصيلا.
هذا ما أردنا بيانه ونسأل الله جل وعلا لنا ولكم التوفيق. وفي الأسبوع القادم بإذن الله تبارك وتعالى نواصل ما تيسر من تفسير سورة آل عمران.
وصلى الله على محمد وعلى آله والحمد لله رب العالمين.
تأملات في سورة آل عمران:
للشيخ صالح المغامسي

.الجزء الثالث:

بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله خالق الكون بما فيه وجامع الناس ليوم لا ريب فيه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وعلى سائر من اقتفى أثره واتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد.
أيها الإخوة المؤمنون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فهذا درس متواصل في تفسير كتاب الله جل علا ومازلنا وإياكم في سورة آل عمران في تفسير قول الله عز وجل: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} إلى قوله جل وعلا: {ومن كفر فإن الله غني عن العالمين} (92- 97).
نقول مستعينين بالله عز وجل، قال ربنا تباركت أسماؤه وجل ثناؤه: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم} المعنى الإجمالي للآية: أن الله جل وعلا يخبر أن معالي الأمور والجوامع لكل خير التي هي رأس كل غاية وأمل كل مؤمن لا تنال إلا بإنفاق الإنسأن لاشياء يحبها، والله جل وعلا جبل القلوب على حب المال قال سبحانه: {وتحبون المال حبا جما} سورة الفجر (20) وقال جل ذكره: {وإنه لحب الخير لشديد} سورة العاديات (8).